ابداع يتحدى الألم

لقد ترددت كثيراً في اختيار الفعالية التي كان لها الاثر الاكبر ولا سيما ان اغلبها كان لها أثراً واضحاً في نفوس الاطفال لانها خرجت عن النمط والنظام الذي تعود عليه الاطفال في حياتهم وخروجهم عن المألوف والحياة التقليدية في نمط التدريس الى عالم آخر اشبه بحرية سجين،عالم الخيال والابداع خلافاً لما اعتاد عليه الطفل وهو على العلامة والتفوق والنجاح الدائم الذي يطمح له الوالدين.......... فعندما بدأت باختيار موضوع مبادرتي كان الهدف الاساسي لي هو البحث عن اطفال وانشطة هم بحاجة لها بالرغم من شعوري بان جميع طلاب المدرسة بحاجة لهذا النوع من التفريغ حتى شعرت للحظة انني انا وزملائي بحاجة ايضا لمثل هذه الفعاليات،فكانت فرصة بالنسبة لي للتعرف على طرق وآليات التعامل مع الاطفال وتغيير الروتين اليومي القاتل الذي هزمنا قبل ان يهزم اطفالنا ويؤثر عليهم. فكانت اكثر العبارات تاثيراً عندما صرح احد الطلاب وقال لي " ما بدي اروح خلينا بالمدرسة نلعب" . فلقد تعاملت مع طلاب لم ادرسهم اكاديميا لكني شعرت باحتياجهم لوجود معلم يهتم بهم ويبعدهم عن النمط التقليدي الذي يمارسونه في صفوفهم وتذمرهم من التكرار الصفي الذي اعتادوا عليه، و كان له الاثر على شخصياتهم وانطفائهم اكاديميا واجتماعيا. وهنا ساتحدث عن اللقاء الاخير مع الطلاب الذي كان فعلا له الاثر فييَ كمعلمة قبل ان يؤثر بهم كطلاب،لقد كنا مع بعضنا بمثابة الاسرة الواحدة التي تتآزر وتتعاون وتتشارك فيما بينها،فلقد تميز هذا اللقاء بكونه خطط له بشكل جماعي مع ملعمي ومعلمات واهالي الطلبة وادارة المدرسة بعمل حفلة عيد ميلاد جماعية بعد ان عبر الطلبة عن امنيتهم بحدوث حفلة عيد ميلاد لهم،حيث قمت بالاتفاق مع زملائي وتجهيز الغرفة بالبالون والحلويات والكيك والزينة والشموع ووالصاق صورهم وعرض اعمالهم التي قاموا بها خلال هذه اللقاءات،حيث تم الاجتماع بهم مسبقا ولم يكونو على علم او دراية بالحفلة وقد كانت بمثابة مفاجئة لهم بدخولهم الغرفة وهم مغمضي الاعين،حيث كان بانتظارهم داخل الغرفة المعلمين والمعلمات وبعض اهاليهم كما قام كل معلم بدوره من تصفيق وتشغيل موسيقى عيد الميلاد و رش الثلوج مما اصابهم بالصدمة والاندهاش وعبروا عن فرحتهم بالصراخ والرقص بالهواء والغناء بشكل جماعي ثم قمنا بتقطيع الكيك وتوزيع العصائر والحلوى على الطلاب ثم عرض مادة بور بوينت تتضمن جميع الانشطة والفعاليات التي تم انجازها مع الطلاب حيث كان هناك مساحة لكل طالب للتعبير عن مشاعره،ثم قام مدير المدرسة وممثل التربية وممثل مركز ابداع(أ.سلاح سمارة) بتكريم الطلبة وتوزيع الهدايا التذكارية لهم وعند عودتهم للبيت عبر لي اهالي الطلبة عن امتنانهم وشكرهم لي بحجم الفرحة التي شعر ابنائهم. وانتهت الفعالية بكلمة شكر جماعية وجهها الطلاب لمركز ابداع امتناناً لهم على ما قدموه لهم،كما عبر الأهالي عن شكرهم وامتنانهم ايضاً.

تمثلت العوائق التي واجهناها خلال العمل على هذه المبادرة بالتالي : 1- لقد كان عدد الانشطة المطلوب تنفيذها خلال هذه الفترة لم يكن كافي بشكل كبير لتحقيق الهدف المطلوب. 2- تنفيذ الانشطة خلال فترة اضراب المعلمين كان له اثر سلبي بتشتت الطلاب المشاركين بسبب وجود باقي طلاب المدرسة داخل الساحات. أما التحدي الذي واجهته تمثل بالوقت حيث كانت بعض الانشطة تتطلب وقت اكبر مما خٌصص لها.

عندما أتحدث عن قصة نجاح فإن قصة النجاح لا يمكن ان تكون قصة لخمسة عشر طالب او عشرون طالب فقط،فقصة النجاح اكتملت عندما بدأتٌ وانهيت عندما رأيت الطلاب يتفاعلون ويضحكون وهم يرسمون ويلعبون ويقفزون ويمارسون كافة أنواع الأنشطة التي كان لها الاثر الواضح في سلوكهم وعلاقاتهم واضافت لهم شتى انواع الامن والطمأنينة والثقة والشعور بالذات،ليخرج الطالب من نفسه ويقول أنا قادر انا استطيع انا موجود....نعم هذا هو النجاح الذي حققناه،نجحنا عندما بدأنا أنشطتنا وعندما انهيناها سمعنا وشاهدنا طلابنا يأتون كل صباح قبل وبعد الدوام يطلبون المزيد من الانشطة والفعاليات التي تركت في نفوسهم الاثر الجميل حيث لاحظت تشوقهم واستعدادهم للعمل بالرغم من تأخرهم بالعودة الى بيوتهم حتى اتمام الانشطة. انا لا ادعي النجاح لكن النجاح الحقيقي قد حدث فعلاً عندما تم تعميم الفعاليات والانشطة لباقي زملائهم فما كان منهم الا انهم قاموا بالحديث الى اهلهم مما دفع الاهل للإتصال والطلب مني ومن مدير المدرسة مشاركة ابنائهم بمثل هذه الانشطة،فما كان منا الا الوعود باستمرار الانشطة في السنوات القادمةفي حالة تم اختيارنا مرة اخرى للمشاركة،لكن مما لفت انتباهي وشجعني للكتابة والحديث هو التغيير الذي حدث للطالب المعني (ج.ع) الذي اعتقد بالفعل اننا نجحنا في مساعدته بالتغلب بعض الصعوبات التي كانت تواجهه بالرغم من صعوبة الامر وذلك من خلال ملاحظة نقطة التحول التي حدثت للطالب، عندما حضر الطالب لوحده حيث كان لا يشعر كثيرا بالثقة بالنفس بسبب الظروف التي يعشيها الناتجة عن انفصال والديه والعيش مع بيت العائلة وهذا بدوره جعله يبحث عن الامان فوجده مع ابن عمه الذي كان يرافقه كل صباح للمدرسة بحيث ارتبط غيابه بغياب ابن عمه أما الآن فقد خف تعلقه به واصبح يذهب لوحده دون انتظار ابن عمه. أما الطالبة (ف.أ)لم ولن اكن اتوقع ان تصبح بهذه الثقة بالنفس وبهذه الطلاقة وان تتجاوب وتشارك،وابرز ما ادهشني هو توجه الطالبة الى غرفتي بعد الدوام تطلب مني ان تشارك بعمل الانشطة والفعاليات،وهذا ما لاحظته خلال زيارتي الصفية لهذه الطالبة حيث دار النقاش بيني وبينها وبين المعلمة المشرفة عليها اكاديميا حيث عبرت المعلمة عن حب الطالبة للخروج والمشاركة ورغبتها بالذهاب للمعلمة المسؤولة عن الانشطة لكي تسألها : هل سنلعب اليوم؟ هل يوجد انشطة اليوم؟ ...اريد بالوناً لكي انفخ اريد ان ارسم اريد ان الون وهذا هو النجاح بذاته. أنا لا ادعي النجاح لكن اتمنى ان اكون قد حققته....فنجحت بتحقيق الهدف المطلوب بالعمل مع اروع وارقى مخلوقات الله اطفالنا بناة المستقبل ،وتطبيق ما كنا نتمناه للعمل معهم ورؤيتهم وهم يتفاعلون وينطلقون فرحاً يعبرون عن مشاعرهم من خلال هذه الانشطة،لانني على يقين تام بان الطالب لا يمكن ان يكون ناجحاً اكاديمياً واجتماعياً اذا لم يتحقق له الآمان والراحة قي باقي جوانب حياته.

بعد العمل على هذه المبادرة هناك بعض التوصيات التي اتمنى ان تؤخذ بعين الاعتبار : 1- اتمنى مستقبلاً توزيع نشرات توضيحية للمدراس جميعها دون استثناء حول مؤسسة إبداع المعلم واطلاع المعلمين على اهم الاهداف والغايات التي تسعى المؤسسة لتحقيقها وما هي طبيعة الانشطة التي تقدمها لكي يتمكن المعلمون من الاستفادة. 2- بالرغم من التآخي والتآزر الذي تم بين معلمات المدرسة ومساعدتي في توصيل الفكرة والهدف إلا اني اتمنى لو تم الموضوع باجتماع احد افراد المؤسسة باعضاء الهيئة التدريسية حتى يكون هناك تعاون واهمية اكبر بالموضوع. 3- اعطاء الاهل الدور والسماح لهم بمشاركة ابنائهم في تنفيذ بعض الانشطة حتى يتعرفوا على اهمية التفريغ النفسي للابناء. 4- استمرار استمرار العمل مع الطلبة مع تكثيف عدد اللقاءات والبدء بها بداية السنة الدراسية. 5- زيادة اعداد الطلبة المستهدفين المباشرين وغير المباشرين.